عندما ننظر بعين العقل لكل ماحولنا من تناقضات على الساحة الرياضية ، يُخيل إلينا أننا نعيش في عالم المثل الذي افترضه
افلاطون وليس العالم الحقيقي الذي يتشكل فيه الواقع بصورته الحيّة . فالمدينة الفاضلة اصبحت ديدن الجميع وكأنهم أتوا منها
ليحاولوا أن يخبرونا بطريقة أو بإخرى أنهم منزهون عن الأخطاء وأنهم يعيشون في مدينة افلاطون الفاضلة .
عندما ننظر بنظرة بسيطة لما يحدث من حرب استنزاف لرياضتنا وواقعنا المحبط في جهة ما ، والرؤى المتستفيضة بالإمل في
الجهة الأخرى نرى أننا في تناقضات كبيرة أفرزها لنا التغاضي عن الكثير من السلبيات في مجتمع رياضي تحكمه المصلحة فقط
لاغير ومن الأولى أن يكون هناك قانون ثابت لايقبل المساومة ولكنه يقبل الجرح والتعديل ومن أساسياته النظر إلى أهمية الرياضة
كرافد حضاري ومنشط شبابي يحتاج للتغير بروية وبتعقل وردم ما أفرزه البعض من سوداوية أعمت الشارع الرياضي بمسؤوليه وإدارييه
وجماهيره على حد سواء .
مانراه من حرب اعلامية بين الأندية ومن يمثلها في الوسط الرياضي لم يكن حديث اليوم بل هو تراكمات متتالية لأحداث متسلسلة
كل منها يعتمد على الآخر حتى وصلنا إلى ماوصلنا إليه ، وكل تلك الأحداث كانت متجاوزة وكان غض الطرف لأسباب شخصية
ومصالح مشتركة هو الطريق الذي بدأت منه الفوضى ، فاصبح التراشق الإعلامي في مجمله سخيف ولاينمّ عن اعلاميين يمكن أن
يصنعوا الفارق للسير برياضتنا نحو برّ الأمان .
وهنا يمكن أن نعود لماهيّة دور الإعلامي ومسؤولياته والتي لاتقف عند نقل الحدث فقط ولكن يجب أن يتبعها القراءة النقدية المستبصرة
ووضع الحلول ما أمكن ذلك والتحفيز لبعض الأطراف بطريقة لبقة لاتجرح الآخرين ولا تقع في نطاق شخصنة الأحداث وتوجيهها
واستغلالها بما يكون لمصلحة طرف على آخر ، كل هذا يشكل النقلة النوعية للإعلام ومايحب أن يكون عليه ولكن للأسف فإننا
تجاوزنا هذا الدور لنقوم بأدوار أخرى هي للمشجع العادي وأنا أحد من يقع في هذه المنظمة ولست افلاطونيا فأخطاؤنا كثيرة ولكن الحصيف
من يعترف بالخطأ ويحاول أن يستدركه ويفعل الصواب .
كل ماسبق يقودني إلى مفهوم المهنية الإعلامية ومن المسؤول عنها ومن المسؤول عن خرق قواعد الشرف الإعلامية في إعلامنا
المقروء والمسموع والمرئي ، ومن يحاسب من ؟ بعد أن فاض الكيل بمالايحتمل وأصبح التراشق الإعلامي صفة ملازمة للجميع إلا مارحم
الله ، فهل نحن نعقل أن تسير رياضتنا بهكذا أمور ؟ وهل نعقل ماهو دور الإعلام في توجيه الرياضة نحو آفاق أجمل وأرقى ؟ وهل
هناك رجل قوي عادل يعيد الأمور إلى نصابها ؟ وهل كل من دخل الإعلام من النافذة يستحق أن يبقى ؟ ومن له الحق في تقييم
الإعلاميين وطرحهم ؟ ومن يحاسبهم على مايكتبونه ويقولونه ؟
وإذا تركنا الإعلام واتجهنا للإتحاد السعودي ورئيسه المنتخب أحمد عيد فالحال لايبتعد كثيرا فما نشاهده في معظم اللجان ماهو إلا تخبط
واضح وفاضح لمفهوم المثالية وتخبط إداري في مفهوم الإحتراف فهناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى إعادة ضبط وترتيب وتغيير حتى
يمكن بعدها أن يكون التقييم صحيحا والتقويم أمراً مستساغا ، فمن المستحيل أن أحاسب شخص ما على تقصيره وأنا لم أوفر له مسببات
النجاح وأرضية صلبة من قوانين لاتقبل الخرق من أي جهة أو طبقة اجتماعية معينة .
كل ماسبق يقودني للإشارة إلى الأمير نواف بن فيصل بن فهد فهو الرجل الوحيد الذي يمكن أن يحلّ المعضلة وإن لم يستطيع لأسباب
ربما أعرف بعضها وأجهل الآخر فعليه أن يقدم استقالته فوراً ليأتي من
يستطيع أن يقوم بهذا الدور وإن استطاع الأمير نواف أن يغيّر الأسباب
والمسببات فهو يملك الفكر والعقل والقدرة على صنع التغيير وانتشال رياضتنا من فوهة الزيف والحرب إلى واقع العقل والمنطق بقوة وعدل
وبناء صحيح يستطيع الجميع معه أن يتأمل بوجود رياضة حقيقية في وطننا الغالي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق